
مراسل سوري – حمزة الحريري
نتيجة مباحثات مطولة , ومشاورات مكثفة , ودوريات مشتركة وصفتها جميعا الحكومة التركية بأنها مماطلات أمريكية , أعلنت الحكومة التركية استنفار جيشها وقواتها الخاصة واستعدادها لخوض عملية عسكرية في منطقة شرق الفرات الى جانب الفصائل السورية المعارضة المدعومة تركيا , وذلك لتطهير المنطقة من ” التنظيمات الكردية المسلحة ” وإقامة المنطقة الآمنة .
الاحد الفائت … أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مباحثات هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول الملف السوري وخصوصا المنطقة الآمنة المطلب التركي اللحوح , والمزمع انشاءها في شمال سوريا , في صباح اليوم التالي أعلن البيت الأبيض سحب قوات أمريكية من مناطق حدودية مع تركيا هي منطقتي تل أبيض ورأس العين تخطط أنقرة لاجتياحهما , الخبر كان مفاجئاللجميع حتى لحلفاء واشنطن الاكراد ” قوات سوريا الديموقراطية ” التي صرحت بالتالي : انسحاب القوات الأمريكية كان مفاجئا لنا !
فوات سوريا الديموقراطية حاولت امتصاص صدمة التصريحات الأمريكية الشقراء وسارعت الى تعزيز مواقع سيطرتها في المنطقة , بجلب التعزيزات العسكرية من دير الزور و الرقة لتغطي النقص الامريكي , وطالبت النظام السوري و روسيا للتحرك واتخاذ موقف واضح لمواجهة التهديدات التركية.
تفاصيل تلك المكالمة الهاتفية التي سيتغير – على ما يبدو – خارجة السيطرة الدولية شمال سوريا , اتضحت أو أجزاء منها على الأقل فيما بعد , كشفتها صحيفة غربية : أردوغان عبر عن غضبه من البنتاغون الامريكي لتعطيله انشاء المنطقة الامنة , وارسالهم شحنات اسلحة للقوات الكردية في سوريا , ترمب لم يعطي اهتماما لتفاصيل أردوغان هذه وركز فقط على مصير مقاتلي داعش المسجونين في مناطق السيطرة الكردية – الأمريكية , أردوغان وبحسب المصدر الغربي مارس الضغط على ترمب بقوله : تركيا ستتحرك قريبا لتنفيذ العملية والقوات الامريكية لن تدعم او تشارك في العملية وتركيا ستكون مسؤولة عن مصير مقاتلي داعش في سجون المنطقة , المصادر التركية لموقع ” ميدل ايست اي ” قالت أن المكالمة لم تأتي بالنتائج المتوقعة ولكن المفاجئة كانت بتصريحات البيت الابيض بعد ساعات .
التناقض الأمريكي سيد الموقف
يبدو أن الرئيس الأمريكي الأشقر وكما هو المعتاد في سياساته الخارجية , يعشق التناقض وخلق الفوضى الإعلامية من خلال تغريداته العاصفية الفجائية , ترمب صرح على الأكراد وتركيا حل الوضع فيما بينهم بعد انسحابنا وآن الأوان لخروج أميركا من تلك الحروب السخيفة اللانهائية !
تصريحات ترمب ليست مفاجئة فقط للسوريين والأكراد ولكن مفائجة أيضا للمسؤولين الأمريكيين والاوروبيين .
السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام دعى ترمبللعودة عن قراره وهدد تركيا بعقوبات لا مصيل لها اذا اجتاحت مناطق حلفاء واشنطن , البنتاغون أيضا حاول التخفيف من وقع تصريحات الرئيس الامريكي واعلن : أميركا لا تدعم العمليات العسكرية التركية في شمال سوريا وحذر تركيا من تداعيات قرارها المزعزع للاستقرار .
ترمب يعود مجددا لساحة التصريحات والتنقاضات التي بدأها يقول : سأدمر الاقتصادي التركي كما فعلت بالسابق اذا خرجت تركيا عن الحدود ( وهنا يبدو أن الساسة الامريكان قد وضعوا للأتراك حدود لا يجب الخروج عنها ) ّ…
تصريحات أغضبت تركيا لترد على لسان رئيس البرلمان التركي : تصريحات ترمب موجهة للداخل الأمريكي وتركيا لا تولي أي قيمة لهذا التهديد ومصرون على تطهير المنطقة من ” الارهابيين ” .
ترمب أغضب الجميع من حوله حلفاءه الأكراد واوروبا والساسة الأمريكيين وتركيا كذلك وعاد مجددا لتلطيف ما قال محاولا ارضاء الجميع : لن نتخلى عن الأكراد بأي شكل , ولست منحازا لاي طرف هناك , أردوغان صديق وسيكون ضيفا عندي الشهر القادم وتركيا شريك اقتصادي كبير للولايات المتحدة .
قوات سوريا الديموقراطية تهدد بداعش والجيش الوطني يعرض استعداده لتحمل المسؤولية .
منذ بدأت جدية تركيا باجتياح شرق الفرات , عملت قوات سوريا الديموقراطية على استخدام ورقة أسرى تنظيم داعش في سجونها , حيث صرحت بأكثر من مناسبة أنها مضطرة لسحب جزء من قواتها التي تحرس سجون أسرى داعش في المنطقة وأن العملية التركية قد تؤدي لانعاش داعش , الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا صرح على لسان القيادي مصطفى سيجري أنه مستعد لتسلم أسرى داعش وأنكر على قسد تهديداتها هذه بقوله : على ” الحزب العمال الكردستاني ” التوقف عن ابتزاز العالم والتهديد باطلاق سراح الدواعش ونعلن عن استعدادنا الكامل لتسلم الأسرى الموجودين في المنطقة من الولايات المتحدة الامريكية .
على حزب العمال الكوردستاني أن يتوقف عن أبتزاز العالم والتهديد بإطلاق سراح الدواعش، ونعلن عن الإستعداد الكامل لتسلم أسرى داعش الموجودون في المنطقة من الولايات المتحدة الأمريكية وعبر ترتيبات يمكن الإتفاق عليها فورا، والتعهد بضمان عدم فرار أي أسير، ووضعهم في مراكز أمنية خاصة.
— مصطفى سيجري M.Sejari (@MustafaSejari) October 8, 2019
ميدانيا فإن التعزيزات العسكرية التركية مستمرة , وفصائل الجيش الوطني تتجهز للمشاركة .
وزير الدفاع التركي أعلن صباح اليوم أن التحضيرات التركية للعملية العسكرية في شرق الفرات مستمرة و أن الجيش التركي يواصل ارسال التعزيزات العسكرية الى الوحدات العاملة قرب الحدود السورية .
ومن جانبه واصلت فصائل الجيش الوطني السوري المعارض المدعوم من أنقرة إرسال قواته التي ستشارك في العملية المحتملة الى محيط تل أبيض و رأس العين التي انسحبت منها القوات الامركية والتي على ما يبدو أنها ستكون الأهداف الأولية للعملية العسكرية التركية , والصحف التركية تقول انها ستبدأ خلال ساعات .
هذه المعركة وان تمت فلن تكون الاولى التي تخوضها تركيا ضمن الأراضي السورية فقد سبقها عمليتين عسكريتين : الاولى عملية درع الفرات في شمال حلب والتي خاضها الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة ضد تنظيم داعش نهاية عام 2016 و الثانية عملية غصن الزيتون ضد الوحدات التركية في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي نهاية عام 2018 , ويبقى السؤال الذي يراود معظم السوريين ما مصير هذه المناطق مستقبلا وما هو مصير القوات التركية التي تدخلها ؟